سحرالعيون المدير العام
عدد المساهمات : 228 نقاط : 466 تاريخ التسجيل : 03/07/2009 العمر : 35 الموقع : الله اكبر
| موضوع: أسرار عشق النساء للنساء 2 الخميس يوليو 30, 2009 7:20 pm | |
|
| أسرار عشق النساء للنساء 2
الحرج الذي يتصل بنقاش وعرض موضوع العشق النسوي المثلي، هو أن الرجال يخالون بأن ماينطبق على النسوة ينطبق عليهم، وهذا خطأ علمي منهجي يتناسى أن الإعجاب النسوي المثْلي ليس في الأساس شذوذا جنسيا بالمعنى الطبي أو السريري. ومن جهة ثانية فإن موضوع "الليسبيان" لا ينسحب على الموضوع الذكري، فالأخير في العادة يرتبط بما يُسَمَى في لغة التحليل النفسي بـ " اللاّسواء" أي الانحراف. أما العشق النسوي المثلي فهو مسألة جمالية خالصة تتعلق بالقدر المفرط الذي تتمتع به المرأة على إيقاع الحسد والغيرة في بنات جنسها، وقد يتطور هذا الشعور ويتحول من غيرة وحسد، إلى إعلان الخضوع النفسي وهو بالضبط: العشق والحب. لأن من أشكال التعبير عن الخضوع للآخر هو الوقوع في حبه وعشقه. وهذا بطبيعة الحال لا يحصل مع الرجال إلا في حالة المرض أو اللاّسواء.لهذا أرجو من القراء الكرام ألا يخلطوا مابين جمالية المسألة النسوية و"انحراف" الوضع الذكري، فالأمران مختلفان بالكامل.
أدخل في أسرار عشق المرأة للمرأة. ففي هذا الحب تختفي عقدة الذكر التي تلاحق الأنثى مذ تعي ذاتها، هذه العقدة ترتبط بقوة الرجل وضعف الأنثى، وغالبا ما أدى هذا التباين في القوة إلى ظهور حالة العنف ضد المرأة. ذلك أن العصور القديمة شهدت تنصيب المرأة إلهةً في الأسطورة، وقد سيطرت على الرجل وكانت في تلك المرحلة هي التي تأمر وتنهي، كما في الحضارة السومرية والحضارات القديمة المعروفة. ثم جاء وقت وانقلبت المعادلة، سُحِبَت الألوهة من يد المرأة وولت إلى الأبد، أسطوريا طبعاً وليس دينيا. منذ ذلك الوقت والعنف جزء أساسي من لغة الرجل نحو المرأة. اختفى معها الحس النرجسي وعشق الذات. كانت المرأة تعشق ذاتها عندما نصّبتها الأسطورة إلهةً للعالم، وكيف لاتعجب بنفسها حد العشق وهي المسماة "عشتار" أو "إيزيس"؟
في مرحلة عشق المرأة لذاتها كان عشق الذات ينوب عن الآخر، فهو يكفي وهو أكبر من بديل. بعدما سُحِبَت الألوهة الأسطورية اختفى عشق الذات، فهل يعشق ذاته الخاسرُ والمهزوم؟ من الطبيعي ألا يفعل ذلك. في المراحل التي تلت حاول الوعي النسوي أن يستعيد أنوثيته، ليس من خلال عشق الذات، بل من خلال عشق الذات في الآخر، فكانت المرأة تعيد اكتشاف أنوثتها من خلال أنوثة أخرى، تعيد لها عشق الذات : عشق الآخر، الأنثى. عشق الأنثى هنا هو محاولة نرجسية جديدة لعشق الذات وإخفاء جرحها القديم بعدما سحبت منها سلطتها. كل إعجاب امرأة بجسد امرأة هو إعجاب بالجسد الشخصي قبل كل شيء.
عرفت من "مريضاتي" المكتئبات أن إحساسهن بالحب تجاه أبناء جنسهن بدأ وهن يفتشن عن ذواتهن الضائعة، لم يجدن ذواتهن إلا في بنات جنسهن. من المستحيل أن يستطيع الرجل إعادة أنوثة المرأة الى المرأة . لاأحد يستطيع فعل ذلك إلا المرأة ذاتها. قلن لي كثيرا عن هذا الاضطراب الذي أصبن به، ومعهن كل الحق في ذلك، كيف سيشرحون العشق اللامرضي بالأخرى؟
الليسبيان في أوروبا وأمريكا الآن ظاهرة هائلة ويحصلن حقوقا على الدوام. الأمر ليس كما يظن للوهلة الأولى. هو اكتشاف للذات في وقت تضيع فيه الكينونة مع الاستهلاك والضجيج وخسارة الموقع.
أسرار عشق النساء للنساء، هي كتاب الحب وكتاب الذات، كتاب عشق النفس والتوحد عبر الآخر. كل عناق المثْليات وقبلاتهن ليس أكثر من الذي فعله "نرسيس" حينما نظر في ماء النبع وعشق وجهه وصورته الى درجة المرض والكآبة.
هذه هي القصة.
يتبع.
الدكتورة مديحة.نون.المارتقلي. واشنطن
|
| |
|